recent
أخبار ساخنة

هام للفترة القادمة دور المعلم في التعلم المدمج والمعكوس



هام للفترة القادمة دور المعلم في التعلم المدمج والمعكوس



















باتت التكنولوجيا عنصراً أساسياً في التعليم، تعوّل عليها الأنظمة التعليمية بمختلف دول العالم، في بناء أجيال المستقبل، لاسيما بعد انحدار فاعلية التعليم التقليدي، وظهور أنواع جديدة من التعليم القائم على الابتكار والإبداع، الذي يواكب في مضمونه أجيال «الثورة الصناعية الرابعة» والذكاء الاصطناعي.
ولعل أبرز ما أفرزته عملية دمج التعليم بالتكنولوجيا، استراتيجية «الصفوف المقلوبة» أو «التعلم المعكوس»، التي تستند في مفهومها إلى مزج طرائق متعددة للتدريس، إذ حولت الطالب من مجرد متلق للعلوم والمعارف إلى معلم متمرس يستطيع الشرح والمناقشة وتقديم الدلائل والبراهين في مختلف مواد الدراسة.
في وقت اعتبرها خبراء وتربويون ومعلمون، أنها تقنية فاعلة، تركز على استخدام التكنولوجيا بأدواتها ومحتوياتها، وتسهم في تدعيم ذاتية المتعلم وتلبية احتياجاته وتفعيل دوره في العملية التعليمية، وتدعم في الوقت ذاته دور المعلم كونه مدرباً ميسراً لعملية التعليم والتعلم.

ونجحت المدرسة الإمـــاراتية فــــي تطبيق تلك الاستراتيجيــة علـــــى صفـــوف دراسيــــة مختلفــــة، وحققت نتائج مشرقة، إذ كشف تحليل نتائج مدرسة مارية القبطية للتعليم الثانوي بنات بدبي، عن أن 100% من الطالبات، استطعن تطوير ذاتية تعليمهن، و80% منهن تشجعن على استخدام التقنيات، و96% منهن وجدن أن الاستراتيجية تكسر الجمود في عملية التعليم والتعلم وتوفر الوقت والجهد.
«الخليج» تناقش مع الخبراء والتربويين ماهية استراتيجية «الصفوف المقلوبة»، وآثارها على العملية التعليمية، والأدوار الجديدة التي تفرضها على الطالب والمعلم، وإلى أي مدى تؤثر في المخرجات، ومواكبتها للثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي؟



إعداد ملف مرئي

البداية كانت مع معلمة الرياضيات هديان محمد موفق بمدرسة مارية القبطية الثانوية للبنات بدبي، التي طبقت الاستراتيجية على الصفين العاشر والحادي عشر، إذ أكدت أن هذا النمط من التعليم، يعتمد على إعداد ملف مرئي يشرح المفاهيم الجديدة باستخدام التقنيات السمعية والبصرية وبرامج المحاكاة والتقييم التفاعلي، لتكون في متناول الطلبة ومتاحة لهم في منازلهم قبل الدرس.
يأتي الطالب إلى الفصل ولديه الاستعداد التام لتطبيق تلك المفاهيم، والمشاركة في الأنشطة الصفية، وحل المسائل التطبيقية بدلاً من إضاعة الوقت في الاستماع إلى شرح المعلم، مؤكدة أهمية إبداعات المعلم لإيجاد الدافع والمحفز لدى الطالب للتعلم من خلال المادة التفاعلية الشائقة المعدة قبل الدرس.

قياس المهارات

وفي شرحها لماهية التطبيق، قالت: تبدأ الحصة باختبار بسيط لقياس المهارات التي اكتسبها الطالب ذاتياً من خلال المحتوى المرئي، يليه نشاط تعاوني جماعي لتفعيل التعلم بالأقران، وتفعيل دور قائد التعلم، يتبعه نشاط فردي تمايزي، لمراعاة الفروق الفردية بين الطلبة، وإثبات المهارة المكتسبة والتقويم الذاتي، ثم يطبق تقويم ختامي تعاوني، يعتمد على تقويم الأقران، وأخيراً تسترجع ورقة الاختبار ليحدد الطالب نقاط القوة والضعف لديه.
وحول آثار تطبيق استراتيجية «التعلم المقلوب»، أفادت بأنها علمت 62% من الطالبات الاعتماد على النفس، و81% تحملن مسؤولية تعليم أنفسهن، 69% تشجعن على استخدام التكنولوجيا، وعززت الاستراتيجية التواصل بين 46% من الطالبات، وساعدت 69% من الطالبات على التفكير، وشجعت81% على العمل التعاوني، ومكنت 54% من الطالبات من التقييم الذاتي، وأسهمت في كسر جمود المادة لدى 38% منهن، وفعلت الاستراتيجية التعلم بالأقران لدى 58% من الطالبات، و38% منهن يرين أن الاستراتيجية توفر الوقت والجهد في العملية التعليمية.

إيجابيات الاستراتيجية

وترى التربوية سمر أبو مرسة مديرة مدرسة نبراس الإيمان، أن استراتيجية «الصفوف المقلوبة» أو المعكوسة، تمنح الطالب فرصة الشرح والمناقشة مع المعلمين خلال الحصة، إذ يحدد المعلم الموضوعات التي يجب قراءتها، ويقيس مدى تحصيل الطالب حول كل درس في المنزل، وما أفرزته عملية بحثه وجمع المعلومات من خلال المناهج الإلكترونية والرقمية المختلفة، فضلا عن رصد جميع أوجه الاستفادة التي حصل عليها المتعلم، ومدى جاهزية الطالب قبل بدء الدرس.
ولخصت مزايا تلك الاستراتيجية في سبع إيجابيات، منها ضمان الاستغلال الجيد لوقت الحصة، وأتاحت الفرصة أمام الطلبة لإعادة الدرس أكثر من مرة بناء على الفروق الفردية.

تكسر الجمود

من جانبه أكد التربوي فارس الجبور مدير المدرسة الأهلية الخيرية، استراتيجية «التعلم المعكوس»، أبرز طرائق التدريس فاعلية، إذ تضمن للمعلم الاستغلال الأمثل لزمن الحصة، ويتم تقييم مستوى الطلبة في بداية الحصة، لتُصمّم الأنشطة الصفية التي تركز على توضيح ما صَعُبَ فهمه، ويُقدم الدعم المناسب للطلبة الذين يحتاجون للتقوية، وبالتالي تكون مستويات الفهم والتحصيل العلمي لدى جميع الطلبة عاليةً جداً، حيث يراعي المعلم خصوصية قدرات كل طالب على حدة.
وأكد أن الاستراتيجية تسهم في إعداد أجيال تستند في تعليمها إلى الذاتية وكيفية التقويم وتقييم المستوى العلمي لأنفسهم، لاسيما أن «الفصل المقلوب»، يسهم في سد الفجوة بين الدراسة النظرية للعلوم والمعارف والجانب التطبيقي لها في الحياة العملية، فضلا عن أن الأنشطة الصفية تقضي على جمود العملية التعليمية.

نموذج تربوي

وترى المعلمة بربار أنا زيلونكا أن التعلم المقلوب، نموذج تربوي فاعل يركز على استخدام التقنيات الحديثة وشبكة الإنترنت، بطريقة تسمح للمعلم بإعداد الدرس عن طريق مقاطع فيديو أو ملفات صوتية أو غيرها من الوسائط، ليطلع عليها الطلاب في منازلهم أو في أي مكان آخر باستعمال حواسيبهم أو هواتفهم الذكية أو أجهزتهم اللوحية قبل حضور الدرس، في حين يُخصص وقت المحاضرة للمناقشات والمشاريع والتدريبات، مؤكدة أن الفيديو يعتبر عنصرا أساسيا في هذا النمط من التعليم، إذ يقوم المعلم بإعداد مقطع فيديو مدته ما بين 5 إلى 10 دقائق، ويشاركه مع الطلاب في أحد مواقع الـويب أو شبكات التواصل الاجتماعي. وأكدت أهمية الاستراتيجية في العملية التعليمية، لاسيما آثارها الايجابية على المخرجات في مختلف مراحل التعليم.

استراتيجيات التدريس

ومن جانبه اعتبر مروان أحمد الصوالح وكيل وزارة التربية والتعليم لشؤون التعليم العام، أن استراتيجية «التعلم المعكوس» تشكل مستقبل التعليم، إذ تركز على تطوير طرق واستراتيجيات التدريس، وتعد الطريق الأسهل إلى تكنولوجيا التعليم دون المساس بمبادئ وأسس التعليم، لاسيما أن هذا النمط من التعليم يعزز التفاعل المباشر بين المتعلم والمعلم من جهة، وبين المتعلمين بعضهم مع بعض من جهة أخرى.
وقال إن الوزارة تركز على مسارات تطويرية متنوعة، تحاكي في مضمونها التنافسية العالمية، وتهدف إلى الوصول بأبناء الإمارات إلى تعليم من الطراز الأول، لاسيما أن القيادة الرشيدة للدولة أولت التعليم أهمية كبيرة، وقدمت له الدعم اللامحدود لبناء أجيال تستطيع مجابهة تحديات المستقبل في المجالات كافة، من خلال رفد العملية التعليمية بأنواع جديدة من أنماط التعليم، وتطوير أساليب التدريس القائمة على تكنولوجيا التعليم، وتنويع مصادر المعرفة، وتطوير أدوات الاختبارات والتقويم.

تطويع التقنيات

وفي وقفة معه أكد الدكتور نور الدين عطاطرة المدير المفوض لجامعة الفلاح، أن من أفضل الممارسات حول تطويع التقنيـــات الحديثة لتطوير طرق التدريس تكمن في استراتيجية «الصفوف المقلوبة»، إذ إن الطـــــالب يلعب دورا كبـــيرا فــــي عملية التعــــــلم، خـــــلال فــــهم وإدراك المفــــاهيــم الجديدة للدروس، معتمدا على ذاته في تكوين فكرة متعمقة حول ما يتم دراسته قبل تدخل المعلم الذي يقتصر دوره في تلك المرحلة على إعداد وإرسال ملف مرئي يتضمن محتوى علمياً بهدف التركيز على موضوع بعينه للطلبة.
وقال إن هذا النمط يأتي على عكس السياق التقليدي لدور المعلم، الذي يشرح الدرس في الفصل، ويترك للطلبة تعميق المفاهيم المهمة في المنزل، من خلال الفروض المنزلية، وهذا الأمر لم يراع الفروق الفردية للطلبة، وليس لديه القدرة على قياس مهاراتهم، ولا يسهم في تنمية قدراتهم على التفكير.
وأكد أهمية استعداد المعلم، وتنمية قدراته لتسخير التقنيات بمختلف أنواعها في تطوير وسائل التدريس والتواصل مع الطلبة، إذ إنها تصنع الفرق وتُحدث التغيّر، من خلال الاستغلال الأمثل لتلك التقنيات، التي تسهم في إثارة شغف الطالب نحو التّعلم، ما ينعكس على تحصيله العلمي، لاسيما أن الطالب اليوم بحاجة لتسخير التكنولوجيا، وإضافة الإثارة والتشويق والفضول لعناصر البيئة التعليمية، والفصول الدراسية، ووسائل التواصل الفعالة بين المعلم والمتعلم، لتلبية الاحتياجات الفرديّة لكل طالب.

أبرز الصعوبات

أكد خبراء وتربويون أن أبرز الصعوبات التي تعترض تطبيق استراتيجية الصف المقلوب، تكمن في عدم توافر الأجهزة والبرمجيات اللازمة الضرورية للتسجيل وإعداد الدرس لدى المعلمين، وعجز معلمين عن توظيف التقنية بمهارة لتطوير طرق التدريس والتحفيز والتواصل مع الطلبة، وتمسك البعض بالطريقة التقليدية وعدم رغبتهم في التخلي عنها، وعدم توافر خدمة الإنترنت عند جميع الطلبة، وتكاسل الطلبة أو انشغالهم عند الاستماع للدرس خارج الصف.

تاريخ الاستراتيجية

نشأت استراتيجية «الصف المقلوب» في الغرب، إذ وضع الباحث إيريك مازور في جامعة هارفارد، مبدأ تعليم الأقران عام 1980، ووجد أن التعليم بالحاسوب يتيح له التدريب الفاعل، وفي أوائل عام 2000 استخدم محاضرون بجامعة ويسكونسن ماديسون فيديو لإلقاء المحاضرة، وفي عام 2011 تم تأسيس مركزين في ولاية ويسكونسن للتركيز على التعلم عبر الفصل المقلوب، وقدم بيل برانتلي، نموذجاً للفصل المقلوب في 2007، وطبقت مدرسة كلينتون ديل الثانوية في ميشيغان نموذج الفصل المقلوب لسائر الفصول في عام 2011.



- See more at: http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/147d0e48-11ee-40a2-970a-8d6dc63801aa#sthash.rr3mhZSx.dpuf
google-playkhamsatmostaqltradent